الرضاعه الطبيعيه الصحيحه هي أفضل مصدر لتغذية الطفل حديث الولادة، لأنها تُمده بجميع العناصر الضرورية لنموه في تلك الفترة، بالإضافة إلى أن تأثيرها يمتد حتى مراحل الشباب.
ولا يقتصر تأثير الرضاعة على الطفل فقط، بل إن لها تأثيرًا كبيرًا على الأم أيضًا، إذ تقلل فرص الإصابة بسرطان الثدي، وسرطان الرحم.
مع ذلك فقد تترك بعض الآثار الجانبية على الأم في حالة اتخاذها وضعية خاطئة، فما وضعية الرضاعه الطبيعيه الصحيحه للطفل حتى يحصل على حاجته دون أن تتأذى الأم؟
نجيب في هذا المقال على سؤالك، ونمدك بكافة التفاصيل عن الرضاعة الطبيعية، فتابعي معنا.
فوائد الرضاعة الطبيعية للطفل والأم
الرضاعة الطبيعية هي عملية تبادلية النفع بين الطفل وأمه، فهي ليست مجرد وسيلة للتغذية يمكن استبدالها بغيرها، لكنها بمثابة نظام غذائي متكامل يمد الطفل بما يحتاجه خلال أشهر عمره الأولى، هذا غير فوائدها العديدة للأم.
وأهم فوائد الرضاعه الطبيعيه الصحيحه وفقًا لمنظمة الصحة العالمية أنها:
- تقي الطفل من الأمراض، إذ يحتوي حليب الأم على أجسام مضادة تساعد في الحماية من معظم أمراض الطفولة الشائعة.
- توفر للطفل جميع احتياجاته من العناصر الغذائية خلال الـ 6 أشهر الأولى من عمره، وتقدم له نصف احتياجاته خلال النصف الثاني من عامه الأول.
- تقلل من فرص إصابة الطفل بزيادة الوزن أو السمنة، وكذلك مرض السكري في مراحل الطفولة والشباب.
- تزيد من معدل ذكاء الطفل مقارنة بأقرانه الذين حُرموا من الرضاعة الطبيعية.
- تقلل الرضاعه الطبيعيه الصحيحه من خطر الإصابة بمتلازمة موت الرضيع المفاجئ.
- تحمي الأم من العديد من الأمراض، مثل: سرطان الثدي، وسرطان المبيض، ومرض السكري، وأمراض القلب.
- تعزز الصحة النفسية للطفل والأم، وتوثق الرابطة بينهما أكثر، وتزيد من الإشباع العاطفي لكلٍّ منهما.
مع ذلك، تشتكي بعض الأمهات من صعوبة الرضاعة، إذ قد تسبب لبعضهن إلتهابات وجروح بالثدي، إلى جانب أنها قد تؤثر على عضلات الرقبة، والعمود الفقري أيضًا.
ويحدث ذلك -عادةً- نتيجة لاتخاذ الأم وضعية خاطئة أثناء إرضاع الطفل، فما وضعيات الرضاعه الطبيعيه الصحيحه حتى تتجنب الأم تلك المشكلات؟
وضعيات الرضاعه الطبيعيه الصحيحه
اتخاذك وضعية خاطئة أثناء إرضاع الطفل يقلل من معدل إدرار اللبن، مما يؤثر سلبًا على وزن طفلك، إلى جانب أنه يزيد من فترة الرضاعة حتى يشبع، وقد يسبب ذلك جروحًا وتشققات في الثدي.
كذلك فإن انحناء ظهرك لفترة طويلة قد يؤثر على عضلات الرقبة والكتفين، والعمود الفقري، وحتى تتجنبي ذلك يجب أن تتخذي وضعية صحيحة أثناء الرضاعة، وأشهر تلك الوضعيات:
1- وضعية المهد
وضعية المهد من أوضاع الرضاعه الطبيعيه الصحيحه والشائعة، ويكون بأن تجلسي على مقعد مريح، ويفضل أن يكون له ذراعان، وتسندي ظهرك جيدًا، وتحملي الطفل على الذراع المقابل للثدي الذي سيرضع منه، ولمزيد من الراحة لذراعك؛ ضعي تحت كوع اليد الحاملة لطفلك وسادة لتساعدك على رفع رأس الطفل للوصول إلى الثدي.
ولا تنحني بجسدك لتصلي إلى مستوى طفلك، بل ارفعيه هو لمستوى ثديك حتى لا يتأذى ظهرك، وقد تفيدك مخدة الرضاعة في تلك الحالة.
2- وضع الاستلقاء
يعد وضع الاستلقاء أحد وضعيات الرضاعه الطبيعيه الصحيحه، خاصة للرضعة السابقة لنوم الطفل، أو حين تكونين متعبة وتودين الاستلقاء قليلًا.
استلقِ على أحد جانبيك، وضعي الطفل على جانب جسده ليكون مواجهًا لك، واسندي ظهره بأحد كفيك، كما في الصورة.
3- وضعية الاسترخاء
وذلك بأن تريحي ظهرك للخلف قليلًا، ويمكن أن تدعميه ببعض الوسادات حتى تصلي لوضع مريح، ثم تحملي طفلك على بطنه بزاوية مائلة ليكون فمه مواجهًا لثديك، مع سند ظهره بأحد كفيك أو كليهما.
هذه أبرز طرق الرضاعه الطبيعيه الصحيحه حتى يزداد إدرار اللبن، ويشبع طفلك في وقت قصير دون أن تتأذي.
لكن ما متوسط المدة التي يستغرقها الطفل في الرضعة حتى يشبع، وكيف تعرفين أن طفلك رضع ما يكفيه؟
مدة الرضاعة الطبيعية بالدقائق
يستغرق الطفل حديث الولادة عادةً من 20 إلى 30 دقيقة حتى يشبع، وتقل تلك المدة تدريجيًا حتى تصل إلى 8دقائق أو أقل، وتختلف مدة الرضاعه الطبيعيه الصحيحه من طفل لآخر وفقًا لعدد من العوامل، من بينها:
تدفق الحليب
إذا كان ثدي الأم ممتلئًا؛ سيكون تدفق الحليب أسرع، وبالتالي يأخذ الطفل كفايته ويشبع في وقت أقل، والعكس.
يقظة الطفل
حاجة الطفل للنوم تقلل قدرته على المص، وتجعل رضاعته أبطأ، وبالتالي يستغرق وقتًا أطول حتى يشبع، أما في حالة كان يقظًا ونشيطًا فحينها يرضع بمعدل أسرع، مما يقلل مدة الرضاعة الطبيعية.
الحالة الصحية
تؤثر الحالة الصحية للطفل على مدة الرضاعة، فإذا كان طفلك مريضًا فقد يستغرق وقتًا أطول حتى يشبع، خاصةً مشكلات التهاب الحلق، والفم، واللسان.
هناك بعض المشكلات التي تؤثر على رضاعة الطفل حديث الولادة أيضًا، وقد تجعله يرفض الرضاعة كليًّا، وذلك مثل مشكلة اللسان المعقود أو المربوط.
قدرة الطفل على المص
تختلف قوة عضلات الفك، والقدرة على المص من طفل لآخر، وتتأثر مدة الرضاعة الطبيعية وفقًا لذلك.
عمر الطفل
الأطفال الأصغر سنًا يستغرقون وقتًا أطول في الرضاعة، رغم أنهم يحتاجون كمية أقل من اللبن، وذلك لأن عضلات الفك والقدرة على المص لديهم تكون أضعف، لذا اصبري على طفلك ولا تتعجلي حتى يأخذ كفايته ويترك الثدي وحده.
لكن هل طول مدة الرضاعة يؤثر على عدد رضعات الطفل، وما الفترة الزمنية المناسبة بين كل رضعة وأخرى؟
الفترة الزمنية المناسبة بين الرضعات
يرضع الطفل حديث الولادة من 8 إلى 12 رضعة في اليوم والليلة -تقريبًا-، أي بمعدل رضعة كل ساعتين أو 3 ساعات، وذلك لأن معدة الطفل تكون صغيرة، فتمتلئ سريعًا، وتفرغ سريعًا، إلى جانب أن اللبن سهل الهضم، وبالتالي يجوع الطفل أسرع.
وكلما كبر الطفل؛ زادت الفترة الزمنية بين كل رضعة وأخرى، إذ يصل عدد الرضعات في عمر الشهرين من 7 إلى 9 رضعات تقريبًا، وهكذا تظل المدة بين الرضعات تتسع تدريجيًا.
لكن في جميع الأحوال؛ تأكدي أن لا يظل طفلك أكثر من 4 ساعات دون رضاعة، وأرضعيه كلما طلب، حتى لو طلب كل ساعة مرة -خاصة إذا كان حديث الولادة-، فالرضاعة تفيده في جميع الأحوال.
لكن إذا كانت الفترة الزمنية بين الرضعات قصيرة بهذا الشكل، فماذا تفعل المرأة العاملة حتى ترضع طفلها طبيعيًّا ولا تضطر للبن الصناعي؟
تنسيق الرضاعة مع عمل الأم
يمكن أن تتأثر الرضاعة الطبيعية بعمل الأم، إذ يقل تدفق اللبن تدريجيًا نتيجة لنقصان عدد الرضعات، لكن تستطيعين تجنب ذلك عن طريق:
1- الإرضاع أثناء العمل
إذا كان مقر عملك قريبًا من مكان الطفل، أو كنت تعملين من المنزل؛ فحينها يمكنك تنظيم الرضعات على مدار اليوم، وأخذ استراحة قصيرة كل ساعتين حتى ترضعي طفلك.
2- مضخات الثدي
في حالة كان العمل بعيدًا عن مكان الطفل، وتضطرين للمكوث خارجًا طوال اليوم؛ فمضخات الثدي ستكون حلًا مثاليًا لكِ، اشفطي اللبن بمعدل ثابت وأنتِ بالعمل، وخزنيه بالعلب أو الأكياس المعقمة، واحفظيه في درجة حرارة منخفضة.
يفضل أن تبدئي باستخدام المضخة قبل العودة للعمل بثلاثة أسابيع على الأقل، وتخزني اللبن في المجمد (freezer)، سيظل صالحًا للاستعمال لما يزيد عن 6 أشهر.
تساعدك المضخات أيضًا في زيادة على إدرار اللبن، وتجنبك جفافه، لكن ماذا تفعلين إذا قلت نسبة اللبن لديك، وبدأ في الجفاف؟
جفاف اللبن وإعادة الإرضاع
توقف الطفل عن الرضاعة الطبيعية لفترة سيتسبب في جفاف الثدي من اللبن، وعدم إفرازه من جديد، مع ذلك يمكنك اتباع عدد من الخطوات لإعادة إدرار اللبن والإرضاع من جديد، ومنها:
تعصير الثدي مع إرضاع الطفل
ينتج لبن الأم بسبب عدد من العوامل منها الهرمونات، ومص الطفل، لذلك فإن زيادة معدل تعصير الثدي سيحفزه من جديد لإدرار اللبن، وذلك عن طريق إرضاع الطفل على مدار اليوم، مع استخدام مضخة اللبن كذلك -حتى ولو كان الثدي جافًا من اللبن-، فالغرض هنا ليس مجرد إرضاع طفلك، ولكن تحفيز الثدي على إنتاج اللبن من جديد.
استخدام جهاز إعادة الإرضاع
جهاز إعادة الإرضاع عبارة عن ببرونة موصول بها أنبوب له طرفين، واحد في الببرونة والآخر في حلمة ثدي الأم، وبالتالي عند إرضاع الطفل يصل له لبن من الثدي والببرونة في الوقت نفسه.
وميزة الجهاز أنه يمد طفلك بما يحتاجه من اللبن، مما يشجعه على مواصلة الرضاعه الطبيعيه الصحيحه من الثدي.
استشارة أخصائي رضاعة طبيعية
عملية إعادة الإرضاعة قد تحتاج إلى متابعة مع متخصص حتى تنجح، خاصة إذا كانت فترة التوقف عن الرضاعة تزيد عن 6 أسابيع، كذلك قد تضطرين إلى أخذ بعض الأدوية المدرة للبن والمنظمة للهرمونات، لذا يفضل استشارة أخصائية رضاعة طبيعية حتى تصلي للنتيجة الأفضل.
كما ذكرنا؛ فالرضاعه الطبيعيه الصحيحه لها فوائد عديدة للطفل والأم، لكن ما المدة الأمثل للإرضاع، ومتى تستطعين فطام طفلك؟
الفطام من الرضاعة الطبيعية
تبدأ مرحلة الفطام من عمر 6 أشهر وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ويكون ذلك ببدأ إدخال الطعام للطفل مع تقليل عدد الرضعات تدريجيًا.
وتستمر الأم على ذلك، بأن تبدأ بإدخال وجبة واحدة مع تقليل رضعة في المقابل، ثم إدخال وجبتين خلال اليوم، وتقليل رضعتين، وهكذا، حتى يصل عدد الوجبات إلى أربعة كمتوسط، فتوازن الأم بين الأكل الغني بالعناصر الغذائية للطفل مع الرضاعة الطبيعية المنتظمة.
ويفضل تأجيل الفطام النهائي حتى يبلغ الطفل عامين، وفقًا لما توصي به منظمة الصحة العالمية، إذ يحتوي لبن الأم على العديد من العنصر الغذائية المهمة لنمو الطفل وصحته، فتمد الرضاعة الطبيعية طفلك بثلث احتياجاته الغذائية خلال عامه الثاني، ويصعب تعويض ذلك بالطعام فقط.
في النهاية، الرضاعة الطبيعية هي أفضل وسيلة لتغذية الطفل خلال أول عامين من عمره، إلى جانب أن تأثيرها يمتد حتى مرحلة الشباب وما بعدها، لذا احرصي على تقديمها لطفلك، وتأكدي من اتباع وضعيات وطرق الرضاعه الطبيعيه الصحيحه حتى يجد طفلك ما يكفيه من اللبن دون أن يتأذى ثديك ويتعرض للتشققات والجروح.