كيف التعامل مع الطفل السارق؟
السرقة من أخطر مشكلات الأطفال؛ وأكثرها رعبًا للوالدين، فهي لا تؤثر على الطفل وحده، بل قد يمتد تأثيرها للوسط المحيط من خارج الأسرة، وتكوّن انطباعًا لديهم عن الطفل قد لا ينمحي أبدًا؛ فكيف التعامل مع الطفل السارق حتى يستقيم ويتعدل سلوكه؟
حتى تعالج مشكلة السرقة؛ لا بد أن تعرف دوافع الطفل أولًا، فمعرفة السبب نصف العلاج، وهذا ما سنساعدك عليه في المقال، إذ نوضح لك أسباب السرقة عند الأطفال الصغار، ونمدك بعدد من النصائح لعلاج المشكلة؛ فتابع معنا.
لماذا يسرق الأطفال الصغار؟
تختلف دوافع السرقة وفقًا لعمر الطفل، وحالته الاجتماعية، والنفسية، وكذلك طبيعة البيئة المحيطة به، وعلاقته بأفراد أسرته، وحتى تعرف كيف التعامل مع الطفل السارق؛ لا بد أن تعرف دوافع السرقة عند الأطفال أولًا، ومن ثم تحدد أسباب طفلك ودوافعه لتعالجها.
وأهم دوافع السرقة عند الأطفال:
1- الخلل في مفهوم الملكية الفردية
قبل سن الثالثة لا يفهم الأطفال مفهوم الملكية الخاصة، فيظنون أن الأشياء المحيطة ملك للجميع، ويحصلون على ما يريدونه دون النظر لطريقة الحصول عليه، فتظن أن فعل طفلك سرقة، وهو لا يدري أصلًا معنى الكلمة!
فوفقًا لبعض الأبحاث يتطور الفهم الكامل لحقوق ملكية الآخرين في عمر ثلاث إلى خمس سنوات، فكيف التعامل مع الطفل السارق في هذا السن؟
تنصح الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين بأهمية تعليم الأطفال مفهوم الملكية الفردية من سن الثالثة إلى الخامسة، إذ هو السن الأنسب.
وأهم وسيلة تعلم طفلك بها هي القدوة، لذا احرص على التورع في تعاملاتك المادية أمام أبنائك، فمثلًا: لا تستخدم أدوات العمل من الأوراق، والأقلام، وغيرهما لإنجاز مهامك الخاصة، أو تحصل على شيءٍ من أملاك جيرانك دون استئئذان، حتى ولو كان مهملًا ولا يستخدمونه.
2- الشعور بالحرمان
تقدير الطفل للأساسيات والرفاهيات يختلف عن تقدير الكبار لها، فقد تمنع أطفالك من بعض الكماليات بسبب ضعف المقدرة المادية، أو حتى بغرض التربية على التقشف وعدم الإسراف؛ فيظن الطفل أنك تحرمه مما تستطيع توفيره، ويقارن حاله بأقرانه، ويلجأ للسرقة كمحاولة في الحصول على ما يريد.
فـكيف التعامل مع الطفل السارق في تلك الحالة؟
السلوكية الخاطئة واردة من الأطفال ومتوقعة منهم، وذلك لأنهم لا يدركون القواعد، ولا الواجبات، أو الممنوعات، والواجب عليك كأبٍ أن تعلمهم ذلك، فتقرر قواعد للصواب والخطأ، وتغرس القيم في طفلك رويدًا.
ابدأ بالنقاش معه، ووضح خطورة السرقة، ونبذ السارق من المجتمع، ولا تمل التكرار على طفلك، إذ إن تكرار تعليمك وتقويمك له؛ سيغرس القيمة في نفسه، ويعدل سلوكه السلبي.
ومع العلاج؛ حاول أن لا تبالغ في حرمانه، فوفر له الأساسيات، وبعض الرفاهيات بما يناسب وضعك المادي، أو حتى وفر بدائل أقل تكلفة، إلى جانب أهمية المكوث في بيئة مشاهبة لظروفك المادية، حتى لا يتطلع طفلك إلى غيره من أقرانه، ويحمله تطلعه إلى ما لا تحمد عقباه.
3- إشباع حاجة عند الطفل
يسرق بعض الأطفال أحيانًا بدافع إشباع حاجة عندهم، وقد تكون تلك الحاجة نفسية، أو مادية.
فمثلًا: قد تضع طفلك في بيئة أعلى منه ماديًا واجتماعيًا كمحاولة لرفع شأنه وتأهيله لمستقبل أعلى وأفضل، فيحدث عكس ما أردت، إذ قد لا يستطيع طفلك الاندماج مع تلك البيئة، ويفقد ثقته بذاته، ويرى نفسه أقل منهم.
وفي تلك الحالة يلجأ بعض الأطفال للسرقة كمحاولة لتوفير الرفاهيات التي يملكها أصدقاؤهم، وبالتالي الشعور بالانتماء لتلك البيئة، والاندماج مع أقرانهم دون الشعور بالنقص.
وقد يسرق بعض الأطفال كمحاولة لجذب الانتباه إليهم، أو غير ذلك من الاحتياجات النفسية أو المادية الأخرى.
وهنا أنت مشاركٌ بالذنب مع طفلك بسبب تحميله وتحميل نفسك ما لا تستطيعان تلبيته، أو تجاهل احتياجاته، ولا يعني كلامنا أن سلوك الطفل طبيعي أو مقبول، بل هو سلوك خاطيء يحتاج إلى علاج وتقويم، لكن معرفة الدافع هو أول خطوة لتحديد كيف التعامل مع الطفل السارق.
4- الانتقام
يسرق بعض الأطفال بهدف الانتقام ممن سرقوه، ويشير سلوكهم في تلك الحالة إلى مشكلة نفسية خطيرة يجب أن تنتبه إليها قبل فوات الأوان.
فمثلًا: قد يتعدى أحد الأطفال على طفلك بالسب أو الضرب، أو يتعرض له بالتنمر، أو حتى يستعرض أمامه ألعابه وأغراضه بهدف إثارة غيظه، فيسرق الطفل تلك الأغراض بهدف الانتقام.
وفي تلك الحالة أنت كمربٍ تواجه مشكلتين أخطر من بعضهما، الأولى تتمثل في فعل السرقة، والثانية في خطر نمو بذور الحقد والانتقام في نفسية الطفل؛ فـكيف التعامل مع الطفل السارق بدافع الانتقام؟
اهتم بنفسية طفلك، ونمي عنده حب الخير للآخرين، والقناعة بما عنده، وزد ثقته بنفسه وبما يمتلك، إذ إن ذلك هو أصل المشكلة، فإذا حل؛ حُلت.
5- محاولة لفت الانتباه
لا يقتصر فعل السرقة على المحرومين من الأطفال؛ بل قد يسرق طفلك رغم أنك توفر له كل أساسيات ورفاهيات الحياة، ولا ترفض له طلبًا ماديًا!
فيسرق بعض الأطفال كمحاولة للفت انتباه الأبوين، وفي تلك الحالة يكون الدافع هو الحرمان المعنوي والنفسي، لذا بدلًا من أن تتسائل كيف التعامل مع الطفل السارق؛ وازن بين منح طفلك الأمان المادي والنفسي، ولا تهلك نفسك في دوامات العمل ليستهلكك بحجة أنك لا تحرم أطفالك من شيء، فالحرمان النفسي والعاطفي أشد خطورة على الطفل من الحرمان المادي.
6- الدلال الزائد
يقود الدلال الزائد الطفل إلى العديد من المشكلات السلوكية، ومن بينها السرقة.
فإذا اعتاد الطفل أن جميع رغباته مجابة، ولا يقال له “لا” على أي طلب، سيتوقع أن يدوم ذلك إلى الأبد، فإذا رُفض له طلبٌ بعدها قد يلجأ إلى السرقة للحصول عليه.
وتلك مشكلة تربوية يُلام عليها الأبوين قبل الطفل، لكن الأوان لم يفت للعلاج؛ وما دمت عرفت السبب؛ سيسهل عليك الحل.
كانت تلك أبرز دوافع السرقة عند الأطفال الصغار؛ فما علاج مشكلة السرقة عند الأطفال؟ وكيف التعامل مع الطفل السارق؟
اقرأ أيضًا: دوافع الكذب عند الأطفال وكيف اتعامل مع الطفل الكذاب؟
علاج مشكلة السرقة عند الأطفال| كيف التعامل مع الطفل السارق؟
السرقة من أخطر المشكلات السلوكيات التي تقلق المربين؛ وتثير تساؤلاتهم عن كيفية تعديل ذلك السلوك، وكيف التعامل مع الطفل السارق.
وقبل أن نجيب على ذلك السؤال نوضح أولًا أن الأطفال لا يرتكبون السلوكيات الخاطئة مع سبق الإصرار، لكن سلوكياتهم تكون ناتجة عن دوافع أخرى.
إدراك الأبوين لتلك الحقيقة سيقودهم إلى أمربن:
- أولًا: التخلص من التفسير السطحي لأفعال الطفل.
- ثانيًا: البحث عن الدافع والسبب لكل سلوك سلبي، ومن ثم علاجه لتحل المشكلة.
فإذا تفهمت النقاط السابقة؛ ستحل معظم مشكلات طفلك السلوكية بسهولة ويسر، والآن لنجيب عن سؤالك كيف التعامل مع الطفل السارق؟
وفيما يلي 12 نصيحة تساعدك على علاج المشكلة:
1- افهم دوافع الطفل
قبل أن تسأل كيف التعامل مع الطفل السارق؛ حدد السبب الذي يدفع طفلك للسرقة، إذ إن معرفة السبب تمثل نصف العلاج.
فمثلًا: إذا كانت السرقة بدافع الانتقام، سيكون العلاج بالتقرب من الطفل، ومحاولة إصلاح نفسيته الهشة، وتعزيز مشاعر الرضا، وحب الآخر داخله.
أما إذا كان السبب ضعف مفهوم الملكية؛ فحينها سيكون العلاج مختلفًا، إذ سنركز أكثر على تعزيز ذلك المفهوم عند الطفل.
2- لا تلجأ للعنف
المشكلات السلوكية لا تعالج بالعنف، بل قد يزيدها العنف سوءًا.
فمثلًا: إذا كان طفلك يسرق بدافع الانتقام؛ فتعنيفك له سيزيد رغبته في الانتقام أكثر، وبالتالي ستتفاقم المشكلة وقد تصير سلوكًا دائمًا.
لذا ابتعد عن الضرب، والصراخ، والسب، والعنف أو التهديد أثناء التعامل مع مشكلة طفلك.
3- لا تنعته باللص
تؤثر الكلمات في نفسية الطفل، ونظرته لذاته بشكل كبير، سواءً كانت إيجابية أو سلبية.
فوصفك لطفلك بالسارق أو اللص سيرسخ المفهوم في نفسه، وسيضعه في إطار السارق دائمًا، فلا يرى نفسه خارج ذلك الإطار بعدها.
4- لا تحاول ضبطه وهو يسرق
هدفنا كمربين هو تعديل سلوك الأطفال، وليس محاولة إذلالهم وتصغيرهم أمام أنفسهم.
تصيدك الأخطاء لطفلك، ومحاولة ضبطه وهو يسرق لن يعدل سلوكه، بل سيفقده ثقته بذاته، ويجعله يرى نفسه صغيرًا وحقيرًا، ويشعره بالمهانة والإذلال، ويدمر شخصيته، وهذا ليس الهدف المطلوب أبدًا.
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرى أناسًا من صحابته يفعلون الخطأ، فلا يحاول ضبطهم أثناء ممارسته حتى لا يشعرهم بالهوان، بل يقف على منبره ويقول “ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا”، وذلك لعلمه بطبيعة النفس البشرية.
لذا إن رأيت طفلك يسرق فلا تواجهه حينها، ولا تضبطه بجرمه، بل دعه ثم تكلم معه بعدها بشكل مباشر أو غير مباشر.
5- لا تفضحه
لا تفضح فعل طفلك أمام إخوته أو أصدقائه، أو أي حد حتى لا تكسره أمام الآخرين، وتشعره بالذل والمهانة، فكما قلنا الهدف هو تعديل السلوك وليس كسر الطفل وإذلاله..
6- تحرى محيط طفلك
تعرف جيدًا على محيط طفلك من الأصدقاء، وزملاء الدراسة، أو الجيران والأقارب ممن يختلط بهم الطفل، فقد تكون السرقة تقليدًا لأحد منهم، أو حتى بدافع التباهي والشعور بالانتماء للوسط المحيط، خاصةً إذا كانت حالتهم المادية أعلى.
التعرف على الوسط المحيط بالطفل سيساعدك على معرفة دافع السرقة عنده، ومن ثم علاجه بسهولة.
7- لا تحكم عليه
تذكر أنك مربي ولست قاضٍ، فلا تحكم على طفلك وتضعه في خانة السارق، أو سيء السلوك، بل تعامل معه، برفق وركز على حل المشكلة بدلًا من الحكم عليه، فمهمتك تعديل السلوك وليس إصدار الأحكام.
فتعامل مع طفلك بهدوء، وراعي أنه بشر وطفل صغير، يصيب ويخطئ، وأخطاؤه اليوم هي سبيله ليكون إنسانًا صالحًا في المستقبل إذا أحسنت التعامل معها.
8- تحدث مع طفلك
حاور طفلك، وتحدث معه برفق، واسأله عن أسباب سرقته، وأنصت له باهتمام دون أن تحكم عليه، بل وضح له مدى حبك له دون شرط أو قيد، مع بغضك للفعل السيء.
نقاشك مع طفلك سيفتح طريقًا للتواصل بينكما، وسيوثق علاقتكما، وسيشجعه على ترك سلوكه السيء، بالإضافة إلى أنه سيساعدك على معرفة دوافع طفلك ومن ثم تعديل سلوكه.
9- ربي بالقصة
حاول علاج مشكلة طفلك بالقصص المباشرة وغير المباشرة، وتأكد أن مجهودك لن يضيع هدرًا، فالأطفال أذكياء جدًا، يدركون ما بين السطور حتى ولو لم يصرحوا بذلك، وتساعد القصص في تعديل سلوكهم بشكل كبير.
10- شجعه على مصارحتك
شجع طفلك على مصارحتك والحديث معك بصدق، فلا تخوفه بعقابك طوال الوقت حتى يفضي لك بدوافعه وأسبابه.
فالمصارحة بينكما ستحد من المشكلة، إذ ستشعره بالحياء منك، فلا يعاود السرقة حتى لا يفقد ثقتك واحترامك.
11- امدح سلوكياته الإيجابية
كلما فعل طفلك سلوكًا إيجابيًا؛ امدحه، سيشجعه ذلك على الإكثار من الأفعال الجيدة، وبالتالي ترك السلوكيات السلبية.
فمثلًا: إذا رأيت منه أي تصرف يشير إلى الأمانة، سواءً كانت أمانة في نقل الكلمة، أو حفظ الأشياء، أو غير ذلك؛ فامدح سلوكه الإيجابي، حتى تحفزه على الاستمرار عليه.
12- اربطه بالله الرقيب
إذا كان عمر طفلك كبيرًا بشكل يستوعب كلامك؛ حدثه عن أهمية مراقبة الله في أقوالنا وأفعالنا، وعلمه معنى اسم الله الرقيب، وأن الله يرانا، وذكره بأن الله يحب الأمناء، حتى يترك سلوكه السلبي حبًّا في الله، وخوفًا منه، فيكون تركه بشكل دائم، أما إذا كان الترك لأجلك وحدك؛ فقد يعود إذا قسوت عليه، أو ساءت علاقتكما مستقبلًا.
والآن بعد أن عرفت كيف التعامل مع الطفل السارق؛ تذكر أن علاقة الأبوين بالطفل لها أثر كبير على تصرفاته، فكلما قويت علاقتك بطفلك؛ قلت سلوكياته السلبية، والعكس.
اقرأ أيضًا: دوافع الأنانية و5 خطوات لحل مشكلة الانانية عند الاطفال.
الخلاصة
قبل أن تسأل نفسك كيف التعامل مع الطفل السارق؛ تأكد أن وراء كل سلوك عند الطفل دافع، فلا تحكم على طفلك بقصد فعل السرقة، بل ابحث عن أسبابه ودوافعه وعالجها.
وتذكر أنك مربٍ ولست قاضٍ أو سجان، فواجبك علاج الفعل، وتعديل سلوك الطفل، وليس إهانته وإذلاله، والحكم عليه.
ولمعرفة أبرز المشكلات الشائعة لدى الأطفال؛ اقرأ مقالنا: مشاكل الاطفال السلوكية الأكثر شيوعًا، أسبابها وطرق علاجها.