أكثر من 5% من الأطفال حول العالم مصابون بفرط الحركة، وتزداد النسبة في الدول المتقدمة أكثر، إذ تصل إلى 9.4% في الولايات المتحدة! فما اسباب فرط الحركة عند الطفل؟
هذا ما نوضحه في المقال، ونشارك معك أبرز أعراضه، وطرق علاجه، وكيفية تشخيصه، فتابع معنا.
ما هو اضطراب فرط الحركة؟
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD هو اضطراب عصبي، غالبًا ما تظهر أعراضه في مرحلة الطفولة، وتستمر حتى سن الرشد، أو أبعد من ذلك، إذ يعد من الاضطرابات المزمنة.
ويرتبط فرط الحركة عادة بالتشتت ونقص الانتباه، فيجد الطفل المصاب صعوبة في التحصيل الدراسي، ويعاني من مشاكل التركيز، إلى جانب سرعة الغضب، وصعوبة التحكم في الانفعالات.
يؤثر فرط الحركة أيضًا على تطور المهارات الاجتماعية للطفل المصاب، فيعاني من صعوبات في إقامة الصداقات، والمشاركة في مختلف الأنشطة الاجتماعية، وغير ذلك.
لكن هل ترجع أسباب الإصابة بالـ ADHD إلى العوامل البيئية والتربوية، أم أن له أسبابًا أخرى؟
اسباب فرط الحركة عند الطفل
لا يوجد سبب معروف للـ ADHD حتى الآن، لكن يعتقد بعض العلماء أنه ناتج عن مزيج من العوامل الوراثية والبيئية، فالسبب الأول للإصابة هو الجينات، ومن ثم تلعب العوامل البيئية الآخرى دورًا في زيادة حدة الأعراض، أو نقصها.
بالإضافة إلى الجينات؛ هناك عدد من اسباب فرط الحركة عند الطفل، ومن بينها:
- التعرض للمخاطر البيئية -مثل الرصاص- أثناء مرحلة الحمل، أو في سن مبكرة.
- اختلال المواد الكيميائية في الدماغ، مثل: الدوبامين، والنورأدرينالين.
- الولادة المبكرة، أو انخفاض وزن الطفل عند الولادة
- تعرض الطفل لإصابة في الدماغ في سن مبكرة
- تعاطي الأم للكحول، أو التدخين أثناء الحمل.
وفي حين يعتقد البعض أن المشكلات الأسرية والنفسية، والسلوكيات التربوية والغذائية الخاطئة، مثل: مشاهدة الشاشات، وتناول السكريات، وغيرهما من اسباب فرط الحركة عند الطفل، إلا أن الأبحاث العلمية لا تدعم تلك الآراء.
فتشير الأبحاث إلى أن تلك العوامل قد تزيد من حدة الأعراض، أو تتسبب في سرعة ظهورها على الطفل المصاب، لكنها ليست سببًا للإصابة في حد ذاتها.
وقد يرجع ذلك الاعتقاد إلى الخلط بين فرط الحركة، والنشاط الزائد عند الطفل، فيظن الآباء أن أي طفل نشيط عن الحد مصاب بفرط الحركة!
وهذا اعتقاد خاطئ، إذ يختلف الـ ADHD عن فرط النشاط، وذلك باجتماع عدد من الأعراض على الطفل المصاب، والآن بعد أن عرضنا اسباب فرط الحركة عند الطفل فما أبرز أعراضه؟
أعراض اضطراب فرط الحركة
يعاني الأطفال المصابون بفرط الحركة من العديد من الأعراض، من بينها:
1- صعوبة الانتباه
يصعب على الأشخاص المصابين بفرط الحركة التركيز لفترات طويلة، ويسهل تشتيت انتباههم، ويفقدون التركيز لأي سبب، وبالتالي قد يجدون صعوبة في الاستمرار في المهام التي تتطلب تركيزًا لفترة طويلة، مثل: المذاكرة، وأداء الواجبات المدرسية.
2- النشاط المفرط
يتصف المصابون بالـ ADHD بكثرة الحركة، والنشاط المفرط، ولا يستطيعون الاستقرار، أو الجلوس في مكان واحد لفترات طويلة، وحتى لو جلس الطفل المصاب لفترة مضطرًا؛ فلن تتوقف عينه ولا أطرافه -مثل القدم أو اليدين- عن الحركة، وتتسم حركتهم بالسرعة، والصخب، والتكرار.
3- ضعف التنظيم
يعاني الأطفال المصابون من صعوبة التنظيم، والتخطيط للمهام والأنشطة اليومية، ويكونون أكثر عرضة لفقدان أغراضهم، ونسيان مواعيدهم، وقد يتسم يومهم ببعض العشوائية، ويصعب عليهم تنظيم وقتهم.
4- سرعة الانفعال
يتصف المصاب بالتقلبات المزاجية، وسرعة الانفعال، وصعوبة التحكم في الغضب، والمشاعر السلبية، إلى جانب إظهاره ردود فعل متطرفة تجاه الآخرين، فيبالغ في غضبه، وحزنه، وسعادته.
5- مشكلات التواصل الاجتماعي
يعاني الأشخاص المصابون بفرط الحركة من صعوبات في بناء العلاقات الاجتماعية، والمحافظة عليها، وقد لا يستطيعون التعامل في التجمعات الكبيرة، إلى جانب أنهم يجدون صعوبة في فهم ردود الفعل المناسبة لمختلف المواقف الاجتماعية.
6- صعوبات النوم
قد يعاني المصابون من صعوبات النوم والاسترخاء، وكذلك الاستيقاظ المتكرر خلال الليل، مما يؤثر على جودة حياتهم العامة، ويزيد من حدة الاضطرابات السلوكية، وتشتت الانتباه في النهار.
7- عدم الصبر
فيتصف الطفل المصاب بسرعة الملل وعدم الصبر، فلا يستطيع انتظار دوره في الطابور، أو اللعب، أو حتى الكلام، فيبادر في مقاطعة المتحدث قبل أن يكمل كلامه، وإذا طرح المعلم سؤالًا في الفصل؛ فقد يستعجل ويجيب قبل أن يكمل الأستاذ سؤاله حتى!
8- الاندفاع
فلا يحسب عواقب أفعاله، ويتسم بالاندفاع في جميع أفعاله، مثل: الكلام، والحركة، مما يجعله أكثر عرضة للحوادث، والصدمات.
تلك أبرز أعراض اضطراب فرط الحركة، لكن قد تتشابه تلك الأعراض مع بعض المشكلات الأخرى، فكيف نشخص الطفل ونتأكد من إصابته؟
فرط حركة أم فرط نشاط .. كيف تشخص طفلك؟
لا يوجد اختبار محدد لتشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، خاصةً أن اسباب فرط الحركة عند الطفل ترتبط معظمها بالعامل الوراثي، وسلوكيات الأم أثناء الحمل.
لكن سيقوم الطبيب المختص بسؤالك عن التاريخ الطبي للطفل، حتى يستطيع تشخيصه بشكل سليم، بما في ذلك:
1- ثبات الأعراض
هل تصرفات طفلك ونشاطه المفرط، وصعوبة تركيزه مرتبطة بمكان محدد، أم لا؟
فمثلًا قد يظهر بعض الأطفال نشاطًا زائدًا في المنزل، لكن يخجلون عند زيارة الأقارب، ويميلون إلى الهدوء والسكينة، فحينها تكون المشكلة بعيدة عن فرط الحركة، إذ يتسم الاضطراب بثبات الأعراض، وظهورها على الطفل في أي مكان.
كذلك الأمر نقص الانتباه، إذا كان مرتبطًا بمادة دراسية بعينها، أو مدرسًا دون غيره، فلن يشخص الطبيب الطفل حينها بالـ ADHD.
2- استمرار الأعراض
قد تظهر على طفلك أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه، لكنها تختفي بعد مدة قصيرة، أو تظهر وتختفي من حين لآخر، ففي تلك الحالة سيكون التشخيص بعيدًا عن الـ ADHD.
إذ يتسم الاضطراب باستمرارية ظهور الأعراض لفترة طويلة، وبشكل متواصل لمدة لا تقل عن ستة أشهر.
فإذا ظهرت الأعراض على طفلك لفترة قصيرة، أو تعلق ظهورها بأماكن بعينها؛ فقد يكون يعاني من مشكلة نفسية، أو عصبية أخرى، وسيفيدك الطبيب المعالج حينها.
أما إذا كان تشخيص الطفل ADHD، فما العلاج الأنسب حينها؟
علاج فرط الحركة عند الطفل
تختلف خطة العلاج بناءً على سن الطفل، فإذا كان عمر طفلك أصغر من ست سنوات؛ فيفضل الاكتفاء بالعلاج السلوكي، والتربوي فقط، أما إذا كان أكبر؛ فحينها يُنصح بالدمج بين العلاج السلوكي، والدوائي، وفقًا لتوصيات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP).
وتتضمن استراتيجيات العلاج ثلاث خيارات أساسية، وهي:
1- العلاج السلوكي المعرفي
وذلك عن طريق الجلسات الدورية للطفل مع الأخصائي النفسي، فيعمل على تقويم السلوكيات السلبية المرتبطة باضطراب فرط الحركة، لكنه لا يعد علاجًا نهائيًا له.
2- العلاج التربوي
ويكون عن طريق الوالدين، والمعلمين، وذلك بوضع قواعد ثابتة للطفل، مع تحديد العقوبات المناسبة إذا كسر تلك القواعد، لكن ينبغي أن تكون القواعد واقعية، ومناسبة لطبيعة الطفل، ولا تبالغ في توقعاتك تجاهه.
يمكن التنسيق بين العلاج التربوي، والسلوكي، من خلال مناقشة الوالدين لاستراجية العلاج مع الأخصائي النفسي، ووضع القواعد سويًا، حتى يسير علاج الطفل وفقًا لخطة محددة.
3- العلاج الدوائي
إذا لم تنجح خطة العلاج السوكي؛ فقد تكون الأدوية هي الحل حينها، لكن لا تعطِ طفلك أي دواء إلا تحت إشراف طبيب متخصص، واتبع كافة تعليمات الطبيب حينها.
تلك أبرز وسائل العلاج، لكن الأهم حتى لا تقي أطفالك القادمين من تلك المشكلة، أن تتفادى الأم ما تستطيعه من اسباب فرط الحركة عند الطفل، وذلك مثل التدخين، أو التدخين السلبي، والمشروبات الكحولية، والتعرض للمواد الكيميائية، والرصاص، وغيرهم.
في النهاية، يؤثر فرط الحركة على جميع جوانب حياة الطفل، مثل المهارات الاجتماعية، والدراسية، وحتى جودة النوم، وبالتالي تتأثر حياة الأبوين سلبًا.
لكن معرفة اسباب فرط الحركة عند الطفل، واتباع تقنيات العلاج السابقة، سيساعدك في التعامل مع طفلك، وتوجيهه للحد من شدة الأعراض.