متى تبدأ تربية الطفل؟

متى تبدأ تربية الطفل؟

يحكى أن رجلًا وُلِد له طفل فذهب إلى مالك ابن نبي -العالم الجزائري- فقال له: أريد أن أعرف منهج الإسلام في تربيته، فقال له الأستاذ: منذ متى وُلد طفلك؟ قال: منذ شهر، قال: لقد تأخرت كثيرًا!

والمعنى المقصود في كلامه أن التربية تبدأ مبكرًا، حتى قبل أن يعي الطفل، فمتى تبدأ تربية الطفل على وجه التحديد؟ هذا ما سنوضحه في المقال، ونشارك معك أهم النصائح لتربية طفلك في السنوات الأولى من عمره، فتابع معنا.

متى تبدأ تربية الطفل؟

اهتم الإسلام بتربية الطفل وجعلها إحدى غاياته، فوضع النبي -صلى الله عليه وسلم- منهجًا واضحًا لـتربية الطفل في الإسلام، وجعل أول خطوة للتربية السليمة باختيار الشريك الصالح المعين عليها، قال -صلى الله عليه وسلم-: “تخيَّروا لنطفكم فإن العرق دساس”، وفي حديث آخر عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “تخيروا لنطفكم، وانكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم”.

وبالتالي فتربية الطفل تبدأ باختيار الزوج، أو الزوجة، إذ إن التربية السليمة لا تكون إلا بالمشاركة بين الزوجين، فإن فسد أحد طرفيها؛ نالها جزء من فساده.

ثم تأتي الخطوة الثانية قبل الحمل وأثناءه، وذلك بالدعاء بالولد الصالح، فإذا رجعنا إلى هدي نبينا -صلى الله عليه وسلم- لوجدناه يكثر من الدعاء لأبناء المسلمين، ويوجّه المسلمين إلى الدعاء لأبنائهم، فيقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف: “ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن…” وذكر منها : ” دعوة الوالد لولده”.

ويحث المسلمين كذلك على وقاية أبنائهم من الشيطان حتى قبل أن يُولدوا فيقول: ” لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنّبنا الشيطان وجنّب الشيطان ما رزقتنا، فيولد بينهما ولد، فلا يصيبه الشيطان أبداً”.

ومع الدعاء؛ يجب أن تحافظ الأم على صحة جنينها النفسية والجسدية، وذلك بالاهتمام بصحتها، إلى جانب تجنب العصبية والمشاعر السلبية، إذ أثبتت الأبحاث أن الجنين يتأثر بما تتأثر به الأم، مع الحرص على تلاوة القرآن والاستماع إليه باستمرار، حتى يعتاد الطفل عليه، ويرتبط به وهو في الرحم.

فهذه الأفعال وإن لم يعها الطفل؛ فهي تعد بداية للتربية السليمة، وتمهيدًا لها، لكن متى تبدأ تربية الطفل بشكل عملي؟

تربية الطفل من الميلاد وحتى عمر الخامسة

متى تبدأ تربية الطفل؟ تربية الطفل من الميلاد وحتى عمر الخامسة

بعد ميلاد الطفل؛ تبدأ التربية العملية له، وقد ذكر العديد من خبراء التربية أن 80% من القيم التي يحيا بها الإنسان تتشكل في السنوات الخمس الأولى من عمره!

لكن كيف تبدأ تربية طفلك حديث الولادة رغم ضعف إدراكه؟ هذه الخطوات ستفيدك:

1- الأذان وتحنيك الطفل

أول خطوة هي باتباع سنة النبي وترديد الأذان في أذن المولود، ثم تحنيكه عن طريق مضغ تمرة ومسح فمه بها.

2- الإشباع العاطفي

ثم تأتي الخطوة الثانية بإشباعه عاطفيًا، فإن كان طفلك لا يدرك كلامك ولا يفهمه؛ فقلبه سيستوعب عاطفتك ويبادلك إياها.

احرص على احتضانه باستمرار، وإسماعه الكلام الطيب، وتلاوة القرآن بجواره، وتحصينه بقراءة الأذكار عليه في الصباح والمساء، حتى يكون في حفظ من الشيطان.

3- تلقينه كلمة التوحيد

بعد أن يبدأ إدراك طفلك في النمو، ويستطيع نطق أول كلماته؛ لقنه كلمة التوحيد واجعلها من أول ما ينطق، فعن إبراهيمَ التيميِّ رحمه الله أنه قال: “كانوا يستحبُّون أولَ ما يُفصح -يعني الصبيَّ- أن يعلِّموه: لا إله إلا الله سبع مرات، فيكون ذلك أولَ ما يتكلَّمُ به”.

4- تحبيبه في الصلاة

فإذا وعى طفلك، وأدرك يمينه من شماله، واستطاع معرفة الاتجاهات؛ حببه في الصلاة معك، وليس المقصود هنا تعليمه أركان الصلاة، وسننها، بل تعويده عليها، وربطه نفسيًا بها، حتى ولو سجد سجدة واحدة.

5- تعليمه القرآن

ينبغي أن تعلم طفلك القرآن منذ الصغر، فقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على تعليم القرآن للصغار، وجعله من أهم قواعد تربية الطفل في الإسلام فقال: “أدبوا أولادكم على خصال ثلاث: على حب نبيكم، وحب أهل بيته، وعلى قراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل االله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه”.

6- القدوة الحسنة

الطفل نتاج أمه وأبيه، فإذا صلح الأصل؛ صلحت الثمرة، والعكس، لذا احرص على إصلاح نفسك أولًا، فطفلك سيسير على خطواتك، ويتخذك قدوة.

7- توفير بيئة محفزة

التربية السليمة تقوم على ثلاثة محاور رئيسة:

  1. المربي.
  2. المتربي.
  3. البيئة.

وحتى تنجح التربية؛ لا بد من تكامل هذه العناصر الثلاثة والعمل عليها جميعًا، لذا اخلق بيئة آمنة لطفلك، ومحفزة له على الاستكشاف، وتنمية المهارات الحركية، واللغوية، والعقلية، وغيرهم.

8- التأسيس للاستقلالية

في تلك المرحلة ينبغي تأسيس مهارات الاستقلالية والاعتماد على النفس عند الطفل، وتعويده على تحمل المسؤولية، وذلك من خلال تكليفه ببعض المهام البسيطة المناسبة لعمره، مثل:

  • ترتيب ألعابه
  • حمل الأطباق معك
  • ارتداء ملابسه بنفسه
  • تناول الطعام بشكل مستقل

وغير ذلك من المهام المناسبة لعمره.

9- تعليمه الآداب الاجتماعية

يبدأ الطفل تعلم الآداب والمهارات الاجتماعية من بيته، وذلك بتعليمه:

  • إلقاء التحية
  • آداب الاستئذان
  • آداب الطعام، والشراب

وغير ذلك من الآداب الاجتماعية الأخرى، مع تعويده على صلة أقاربه ورحمه، واحترام جيرانه، والأكبر منه سنًا.

الخلاصة

يتسائل العديد من الآباء عن متى تبدأ تربية الطفل، غير مدركين أن التربية تبدأ حتى قبل إنجاب الأبناء، وذلك بالاختيار الصحيح لشريك الحياة، والاستعداد النفسي لتلك المسؤولية العظيمة قبل اتخاذ خطوة الحمل والولادة، هذا إلى جانب الحرص على الصحة النفسية والجسدية للجنين في فترة الحمل، إذ ثبت علميًا تأثره بما تتأثر به الأم.

بالإضافة إلى البدء بخطوات التربية العملية منذ يوم الولادة بالأذان في أذن الطفل، وتحنيكه، وإشباعه عاطفيًا.

لكن إن فاتتك مراحل البداية فلا تقلق وتتسائل متى تبدأ تربية الطفل، بل بادر باتباع قواعد التربية السليمة وكيف تربي طفلك في سنوات عمره الأولى؟ بما يتناسب من المرحلة العمرية لطفلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *