هل تشعرين ببوادر لمشكلة الأنانية على طفلك ويقلقك الأمر؟
لا بأس سنناقش تلك المشكلة في مقالنا لنتعرف على دوافعها، ومن ثم نقترح بعض الخطوات لـ حل مشكلة الانانية عند الاطفال؛ وتجنب آثارها السلبية على الطفل والأشخاص المحيطين به، فتابعي معنا المقال.
المقصود بمشكلة الأنانية عند الأطفال
الأنانية هي تمركز الطفل حول ذاته، وحبه المفرط لتملك الأشياء والاستيلاء عليها دون إشراك أي شخص آخر معه.
وهي من أخطر مشكلات الطفل السلوكية، وتستلزم علاجًا سريعًا في مرحلة الطفولة، حتى لا تصير صفة ملازمة له بعد ذلك.
ولكن هل رفض الطفل الصغير مشاركة أشيائه مع غيره يعني أنانيته؟
يتصرف الطفل خلال السنوات الثلاث الأولى من عمره وفق المفهوم التالي: كل ما تقع عيني عليه فهو ملك لي، فلا يعرف مفهوم الملكية الفردية، وبالتالي لا يوصف بالأنانية، أو حب التملك خلال تلك الفترة.
وحتى بعد فهمه لمعنى الملكية؛ قد يرفض إشراك الآخرين معه في أشيائه حتى يصل إلى عمر السادسة، وذلك تصرفٌ طبيعي، لتبدأ بعدها مرحلة المشاركة، ومحاولة جذب الأصدقاء إليه من خلال مشاركتهم بأغراضه.
وقد يسأل أحد الآباء ما دامت روح المشاركة تنمو عند الطفل بعد عمر السادسة؛ فلماذا نخاف من مشكلة الأنانية قبل ذلك ونبحث عن حل مشكلة الانانية عند الاطفال؟
والحقيقة أن التخوف يكون من استمرار تلك الصفة مع الطفل، فيكبر بها وتزداد مع الوقت، حتى تصبح وبالًا عليه، وعلى أسرته بعد ذلك، لذا لا بد من فهم المشكلة وأسبابها لتجنبها قدر المستطاع، ولكن ما أسباب المشكلة عند الأطفال؟
أسباب الأنانية عند الأطفال
كما ذكرنا في مقالات سابقة من سلسلة مقالاتنا مشكلات الأطفال السلوكية؛ كل مشكلة عند الطفل يكون لها دافع أو سبب، فهي ليست صفات فطرية يولد بها، بل تنتج عن التعامل الخاطئ، أو ظروف التنشئة غير الملائمة، أو حتى كتقليد للكبار، أو غير ذلك من الأسباب الأخرى.
وحتى نتوصل إلى حل مشكلة الانانية عند الاطفال؛ لا بد أن نعرف السبب أو الدافع أولًا، وأبرز أسبابها:
1- البيئة الاجتماعية
يتعلم الطفل سلوك الأنانية أول شيءٍ من أسرته، ثم بيئته المحيطة، فحين يرى إخوته الكبار، أو أحد أبويه يتصف بالأنانية، ولا يهتم سوى بنفسه؛ سيظن أن ذلك هو الوضع الطبيعي، ويكتسب الصفة تلقائيًا.
ولذا يجب أن تنظر في حال نفسك أولًا قبل أن تلوم طفلك، وتراجع تصرفات أفراد أسرتك الأكبر سنًا، فتحرص على زرع صفة المشاركة وحب الآخرين داخلهم قبل أن تبحث عن حل مشكلة الانانية عند الاطفال الأصغر سنًا، فالقدوة هو أقوى وسائل التربية.
2- الشعور بالضعف والإهمال
حين يشعر الطفل بالإهمال من قبل أبويه والمحيطين به؛ سيهتم بنفسه واحتياجاته فقط ولو على حساب الآخرين، ويستمد ثقته من الأشياء والجمادات بعد أن افتقدها من أهله.
لذا فالعاطفة والتعبير عن الحب، والاهتمام بالطفل واحتياجاته يمنع مشكلات كبيرة جدًا عنده، فالتربية مناطها الحب والاهتمام.
3- الدلال الزائد
كما أن الإهمال مرفوض؛ كذلك الدلال المفرط، فيقولون في المثل: “الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده”، والأصل هو التوازن والاعتدال في التعبير عن العاطفة وتقديم الحب والرعاية.
فالإفراط في الدلال، وتلبية كافة احتياجات الطفل يحوله مع الوقت إلى شخص أناني، يشعر بالاستحقاقية دائمًا، ولا يتوقع أن يقال له “لا” أبدًا حتى ولو على حساب غيره، فلا يرى إلا نفسه فقط.
4- التفرقة في المعاملة بين الأشقاء
تفضيل الآباء لأحد أطفالهم وإعطائه مكانة أعلى من باقي إخوته يغذي شعوره بالأنانية، ويشعره بالاستحقاقية والفوقية على غيره، ولا يهتم بمشاعر الآخرين ولا احتياجاتهم، بل يركز على نفسه ورغباته فقط.
وهنا ينقلب السحر على الأبوين أنفسهم، فيعاملهم بأنانية وكبر أيضًا.
العوامل السابقة مع طبيعة العصر التي تغلب عليها المادية والتمحور حول الذات؛ كل ذلك يزيد من مشكلة الأنانية ويجعلها تتفاقم كلما كبر الطفل؛ فما علاج الانانية عند الاطفال؟
حل مشكلة الانانية عند الاطفال
يتطلب علاج الانانية عند الاطفال صبرًا من الوالدين، مع بذل الجهد لتعزيز روح المشاركة وحب الآخرين عند الطفل، فيما يلي بعض الخطوات التي ستساعدك على ذلك:
1- تحدث مع طفلك
الأطفال أذكياء جدًا، يفهمون كل ما يقال لهم حتى ولو لم يظهروا ذلك، تحدث مع طفلك بوضوح وبشكل مباشر عن أهمية حب الآخرين، وعن الآثار السلبية للأنانية على صاحبها على المدى البعيد.
واشرح له الآيات والأحاديث التي تحث على حب الآخر، وتحذر من الأنانية، مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه”، وغير ذلك من الأحاديث الأخرى.
تكرار ذلك الكلام مع الطفل سيغير تفكيره تدريجيًا، ومن ثم يؤثر على سلوكه كذلك.
2- شجعه على التعاون
التعاون والعمل الجماعي يشعر الإنسان أنه جزءٌ من مجتمع كبير، مما يقلل الإحساس بالفردية تدريجيًا، ومن ثم يساعد على حل مشكلة الانانية عند الاطفال مع الوقت.
3- ركز على المشاعر
الأنانية في الأصل تنتج عن حب الذات وطمس أي مشاعر إيجابية تجاه الآخرين، لذا حتى تحل مشكلة الانانية عند الطفال؛ ركز على إثارة عاطفتهم تجاه غيرهم.
ويسهل هذا الأمر في مرحلة الطفولة، إذ يكون قلب الطفل نقيًا كالورقة البيضاء، لا حقد فيه ولا بغضاء، ولكن كيف تثير عاطفة طفلك؟
يختلف هذا الأمر حسب شخصية الطفل، لكن بشكل عام عبر له عن حبك باستمرار، وعلمه كيفية التعبير عن مشاعره حتى يأخذ ويعطي في المقابل، إذ إن الإخذ دون عطاء يفسده، كما أن العطاء دون أخذ يكسره، لذا يجب الموازنة.
4- اجعله يشارك في الأعمال التطوعية
يساعد العمل التطوعي على تهذيب خلق الإنسان، وصفاته، وتأثيره على الأطفال يكون أعمق وأكبر، إذ يتشكل الطفل من صغره على حب الآخرين، ومحاولة حل مشكلاتهم وتقديم يد المساعدة لهم، وبالتالي يكبر وهو أبعد ما يكون عن الأنانية.
5- ضع حدودًا واضحة
احرص على وضع قواعد وحدود واضحة في منزلك، حتى لا يطغى أحد أطفالك على باقي إخوته، واجعل لهم نفس الحقوق، وكلفهم بنفس القدر من الواجبات.
إذ إن الإفراط في تقديم وتعلية أحد الأطفال على حساب باقي إخوته يشعره بالاستحقاقية الكاذبة، وبالتالي يجعله أكثر أنانية معهم، وتذكر حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- “فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ” وذلك لأن التفرقة بينهم تفسد الود، وتهدم بناء الإنسان.
اتباع الخطوات السابقة سيساعدك على حل مشكلة الانانية عند الاطفال، لكن الأهم أن تكون قدوة لهم أولًا، فإذا صلح الأصل؛ صلح الفرع.
يمكنك توظيف القصص، والألعاب التربوية أيضًا لغرس قيم المشاركة، وحب الآخرين عند طفلك.
الخلاصة
الأنانية تجرد الطفل من إنسانيته مع الوقت حتى يصير مسخًا لا مشاعر لديه ولا حب، فيتعس ويُتعس غيره، لذا لا بد من حل مشكلة الانانية عند الاطفال منذ الصغر، حتى لا تتمكن منهم فترهقنا وترهقهم.
سيساعدك مقالنا السابق على حل تلك المشكلة، ولمعرفة المزيد عن مشكلات الأطفال السلوكية وكيفية علاجها؛ اقرأ مقالنا: مشاكل الاطفال السلوكية الأكثر شيوعًا، أسبابها وطرق علاجها.
المصادر
كتاب مشكلات الأطفال للدكتور عبدالكريم بكار.