الصلاة عماد الدين، وذروة سنام الإسلام، وفرض لا يسقط عن المسلم البالغ بمرور الوقت، وحتى يستقيم الإنسان بآدائها؛ لا بد أن يتعلمها في بداية نشأته وسنوات طفولته، ولذا أوصى النبي بتعليم الطفل الصلاة في عمر سبع سنوات.
فمتى تبدئين في تعليم طفلكِ الصلاة؟ وكيف ترغبينه فيها؟ هذا ما نوضحه في المقال؛ فتابعي معنا.
متى يجب تعليم الطفل الصلاة؟
الطفولة ليست مرحلة تكليف بالصلاة، ولكنها مرحلة إعداد وتدريب عليها، حتى لا يستصعبها ابنك إذا بلغ سن التكليف.
والتدريب عليها يتم على ثلاثة مراحل كما علّم النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابة:
1- مرحلة الأمر بالصلاة
وتبدأ تلك المرحلة مع بداية إدراك الطفل، وتمييزه للاتجاهات، ونمو مهاراته الحركية، أي في عمر السنتين أو الثلاث سنوات تقريبًا.
وليس المقصود بالأمر بالصلاة أن يقيمها بأركانها وسننها، بل أن يأتي الطفل بأي فعل من أفعال الصلاة، حتى ولو سجدةً واحدة، أو كبّر للصلاة، أو غيرهما، وذلك حتى يرتبط بها نفسيًا، ويسهل عليكِ تعليمه إياها إذا زاد إدراكه.
ويدل على ذلك ما رواه معاذِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ حبِيبٍ الْجهنِي عن أَبِيـهِ، أَنّ النبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “إِذَا عرف الْغلام يمِينه مِن شِمالِهِ، فَمروه بِالصلاةِ”.
فينبغي أن يقيم الأهل الصلاة أمام أبنائهم منذ الولادة، ومع بداية الإدراك سيقلدهم الطفل تلقائيًا، وإن لم يفعل؛ اطلبي منه أن يصلي معكِ ولو سجد سجدةً واحدة.
2- مرحلة التعليم
إذا بلغ طفلك سبع سنين وجب عليكِ تعليمه كيفية الوضوء، والصلاة الصحيحة بأركانها، وسننها، وآدابها، ومكروهاتها، ومفسداتها، ومن ثم تطلبين منه أن يتوضأ ويصلي معك، وتصححي له أخطاءه تدريجيًا حتى يتقن الصلاة.
ولا تشددي على طفلك في ذلك السن، بل علميه، واصبري عليه إذا قصّر ولم يلتزم بالصلاة، فتلك مرحلة الترغيب دون تشديد أو ترهيب.
3- مرحلة العقاب
مع وصول طفلك سن العاشرة يكون التشديد عليه بالأمر بالصلاة وعدم تفويتها، وذلك لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: “مروا الصبِي بِالصلاَةِ إِذَا بلَغَ سبع سِنِين، وإِذَا بلَغَ عشر سِـنِين فَاضـرِبوه علَيها”.
فيكون سن العاشرة هو بداية التكليف، لأن الطفل حينها يكون على مشارف البلوغ، فإذا لم يعتد قبل بلوغه؛ يحتمل أن يقصِّر في صلاته بعد البلوغ.
اقرئي أيضًا: متى تبدأ تربية الطفل؟ وكيف تربي طفلك في سنوات عمره الأولى؟
كانت تلك أهم ثلاثة مراحل لتعليم الطفل الصلاة، ولكن كيف ترغبين طفلك في الصلاة وتحثينه عليها؟
كيف أرغِّب طفلي في الصلاة؟
تعليم الطفل الصلاة وتحبيبه فيها واجبٌ على الأبوين، سيحاسبون إذا قصروا فيه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته”، فكيف تحببين طفلك في الصلاة؟
1- التربية الإيمانية أولًا
ابدئي بالتربية والغرس قبل تعليم العبادات والمحاسبة عليها، فقبل أن تأمري طفلك بالصلاة يجب أن تربطيه بالله أولًا.
تكلمي معه عن الله، وصفاته، وأسمائه، وعن الأنبياء والرسل، والرسالات السماوية، وعن الجنة، والنار، والحساب، والثواب، واشرحي له بشكل مبسط لماذا نصلي، وجزاء المصلين في الآخرة.
حتى يعبد طفلك اللهَ عن معرفة وحب، فتستقيم عبادته، ويلتزم بها دائمًا في وجودك وغيابك.
2- القدوة الحسنة
يتعلم الطفل بالقدوة بشكل أكبر من التلقين بما يقارب 70٪، فلا تأمريه بالصلاة وأنت مقصرة بها!
فإذا اعتاد أبناءك على رؤيتك تسارعين إلى الصلاة في أوقاتها، وتتركين أي عمل مهما بلغت أهميته إذا سمعت الأذان لتلبي نداء الله؛ سيكونون أكثر حرصًا على صلاتهم.
ويستحب أيضًا أن تربطي مواعيد الأسرة بمواقيت الصلاة، كالخروج النزهات مثلًا، أو مواعيد الطعام، والزيارات للأقارب والأصدقاء، وغير ذلك، فبدلًا من أن تقولي سنخرج الساعة الخامسة؛ قولي: سنخرج بعد صلاة العصر، وهكذا.
3- الحكمة والموعظة الحسنة
يقول الله تعالى: “ادع إلى سبيلك ربك بالحكمة والموعظة الحسنة”، وأطفالك هم أولى الناس بحسن موعظتك ولين أسلوبك.
فلا تعنفي طفلك الصغير أو تخاصميه أو تسبيه لتقصيره في الصلاة، وتذكري أنه ليس مكلفًا بعد.
لكن خاطبيه بأسلوب لين، وشجعيه ورغبيه باستخدام المكافئات المادية والمعنوية، ولا تملي الحديث معه عن فضل الصلاة ومنزلة المصلين في الجنة، واصبري فالتربية تحتاج إلى نفسٍ طويلٍ، أو كما يقولون “التربية هي الصبر الذي لا يعرف النفاد”.
4- توظيف القصص
يمل الأطفال الصغار من أسلوب الخطاب المباشر في التعليم والتوجيه، ولذا كانت القصص هي أفضل الوسائل التربوية، فوظفيها لتعليم الطفل الصلاة وترغيبه فيها، واحكي له قصصًا من سير الصحابة وآثار التابعين عن فضل الصلاة.
ولمعرفة أهمية القصة وكيف تحكيها اقرئي مقالنا: فن قراءة القصص للاطفال| ما أهمية القصة وكيف أحكيها؟
5- استخدام الأنشطة والألعاب
اللعب وظيفة الطفل الأولى، وهو أسهل الوسائل لتعليمه وتربيته، ولذا استغليه لتعليم الطفل الصلاة.
فمثلًا: يمكنك شراء سجادة صلاة إلكترونية للأطفال، يكون مسجل عليها الأذكار، وسورة الفاتحة، والأذان، وتكبيرات الصلاة، واتفقي مع طفلك أن يخرجها ليصلي عليها الصلوت الخمس، سيشجعه ذلك على الصلاة، وسينتظر من الصلاة للصلاة حتى يخرج لعبته ويستخدمها.
كذلك يمكنك استخدام الـ Craft لربط طفلك بالصلاة، مثل: بناء مسجد بالورق المقوى، أو صنع مجسم لطفل يصلي، أو غير ذلك.
6- اصطحابه للمسجد
وتلك هي مهمة الأب، فإن لم يستطع في الأيام العادية؛ فليحرص على أن يصطحب طفله للمسجد معه في صلاة الجمعة، حتى يرتبط الطفل نفسيًا بالصلاة.
فالأماكن تصنع ذكريات تؤثر في الطفل طوال حياته، فاجعلوا المسجد جزءًا أساسيًا من تلك الذكريات.
كانت تلك 6 نصائح لتعليم الطفل الصلاة وتحبيبه فيها، ولكن متى يحاسب الطفل على الصلاة؟
متى يحاسب الطفل على الصلاة؟
الطفولة ليست مرحلة تكليف أو حساب، لكن التكليف يبدأ بالبلوغ، ولا يعني هذا أن تهملي تعليم الطفل الصلاة حتى يبلغ، إذ تأخير تعليمك له سيجعلها ثقيلة عليه، وبالتالي يفرط فيها ويقصر.
ولكن علميه الصلاة مبكرًا كما ذكرنا، فينال الأجر بإقامتها، وتنالين أنت أجر تعليمه وتربيته، وترحمينه من ذنب التقصير أو التفريط بعد البلوغ.
ختامًا، الصلاة هي الصلة التي تربط العبد بربه، والعبادة المفرقة بين المؤمن والكافر، ولذا وجب على الوالدين تعليم الطفل الصلاة منذ نعومة أظفاره، حتى يستقيم عليها ويلتزم بها فتكون جزءًا من يومه، يقيمها دون كسل أو دفع من أحد.
اقرئي أيضًا: قواعد تربية الطفل في الاسلام – طريقك لإنشاء جيل صالح.
المصادر
كتاب منهج التربية النبوية للطفل.